برج القاهرة أو برج الجزيرة .. هذا المعلم الرائع الذي تزدان به
القاهرة الكبرى كلها ليلا أو نهارا ، وهو من غير جدال يضاف إلى أهم الرموز
السياحية المصرية . هذا المعلم السياحي الكبير انضم لقافلة مهرجان التخلص
من المعالم المصرية البارزة ، مثل محاولة تأجير قناة السويس التي أحبطتها
الأقلام الوطنية الصادقة ، أو إعطاء حق الانتفاع بعجيبة الدنيا الوحيدة
الباقية من عجائبها السبع وهي الأهرامات . تصوروا الأهرامات ، وكأنها سوبر
ماركت أو دار سينما
المهم أن مسألة تأجير برج القاهرة قد تمت
بالفعل في غفلة من الزمن ، لرجل أعمال لبناني يدعى خالد وليد أبو ظهر .
وكان ذلك تحت المبرر الجاهز دائما للإدارة الفاشلة ، والحكم الفاشل الذي لا
يستطيع حتى أن يحسن إدارة معلم سياحي بسيط ، محدود المساحة وليس مطلوبا له
عبقرية في الإدارة ولا غيرها . هذا المبرر هو تحسين مستوى الخدمة التي
تقدم للسائح الأجنبي أو المصري . وطبعا كلمة المصري هنا هي لذر الرماد في
العيون ، لأن المصري البسيط الذي كان يجد فيه فرصة لمتنفس له ولأسرته ،
ينسى فيها همومه التي أثقلت ظهره بعدة جنيهات قليلة ( التذكرة كان قيمتها
للمصري 2.5 جنيها ) . وغير معقول أننا أصبنا بالعبط والبلاهة لأن نتصور أن
المستثمر اللبناني سيراعي ذلك للمصريين . ولا نذهب بعيدا ، فقد رفع سعر
التذكرة للمصريين إلى 30 جنيها مرة واحدة ، وللأجنبي إلى 75 جنيها . يعني
موظف مصري هو وزوجته واثنين من أولاده ، يجب أن يدفعوا 120 جنيها لمجرد
صعود البرج ، دون تلقي أية خدمات أخرى بدلا من عشرة جنيهات . انسوا
يامصريين وابشروا .. هذا غيض من فيض
الذي يجب أن يذكر، أنه يجب
أن تكون أعيننا مفتوحة دائما ، وقد كان . فقام حمدي الفخراني والمحامي
مصطفى شعبان برفع دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لإلزام رئيس الجمهورية
ووزيري السياحة والتنمية المحلية ، بإلغاء القرار الصادر بتأجير برج
القاهرة إلى رجل الأعمال اللبناني باعتباره رمزا وطنيا ، وأن ما حدث من
التأجير كان مخالفا للقانون الذي ينص بعدم جواز بيع أو تأجير الأراضي
والعقارات المملوكة للدولة بالأمر المباشر
ولمن لا يعلم شيئا عن
برج القاهرة ، فهو بحق تحفة معمارية رائعة ، تم بناؤه في عهد الرئيس جمال
عبد الناصر بين عامي 56 و61 ، وكانت كلفته 6 ملايين جنيهوكان مبلغا كبيرا
في ذلك الوقت ، لكن الرئيس عبد الناصر على بنائه وهو الذي يبدو في الصورة
في يوم افتتاحه ، وكم كان بعيد النظر في رؤيته تلك
أقيم البرج
من الخرسانة المسلحة القائمة على قاعدة من أحجار الجرانيت الأسواني الصلب
، وبتصميم مستوحى من زهرة اللوتس رمز الحضارة المصرية القديمة ، بتصميم من
المهندس نعوم شبيب . ومعلوم أنه يقع في قلب القاهرة وسط الجزيرة بين ضفتي
نهر النيل . أما ارتفاعه فهو 187 مترا ، ويعلوه مطعم سياحي رائع لمن يريد
تناول وجبة فيه . هذا المطعم على قاعدة دوارة تستطيع وأنت جالس أن ترى
القاهرة من كل جانب . وهو مقصد دائم لكل سائح يمر بالقاهرة . فيكفي أن
السائح يستطيع أن يستمتع برؤية بانوراما كاملة للقاهرة تشمل الأهرامات وأبا
الهول ، ومبنى الإذاعة والتليفزيون ، وقلعة صلاح الدين والأزهر . أما منظر
القاهرة في المساء فإنه لا يوصف من روعته وجماله . لا سامحكم الله ! .
لماذا حرمتم المصريين الغلابة من أن يستمتعوا من القليل الذي تبقى لهم ؟
هذا
المعلم الرائع يتعرض كل فترة لمؤامرات ودسائس أكثر من غيره ، ربما لتميزه
أو موقعه أو لأسباب لا أعلمها . لكننا لا يمكن أن ننسى أنه في خضم الهجوم
على ثروة مصر من الآثار ، أنه كان قد صدرت فتوى لأحد المشايخ أفتى فيها
بضرورة إزالة برج القاهرة . لماذا ؟ . لأن فيه إيحاءات جنسية وقد يثير
غرائز النساء ! . هذه ليست فرية أو دعابة . لكنه حقيقة ، وإظهار لما نتعرض
له من موجة تخلف وظلام عاتية وغير مسبوقة . ربنا يسلم